سجل سعر الذهب عدة مستويات قياسية جديدة حتى الآن خلال هذا العام، بدأ الاتجاه الصعودي في مارس 2024 حيث ارتفع سعر الذهب إلى 2160 دولار للأوقية وسجل بعض المستويات القياسية الكبرى منذ تلك النقطة، بما في ذلك أعلى مستوى تاريخي آخر عند 2485 دولار للأوقية في شهر يوليو، وفي حين أن السعر انخفض قليلًا منذ تلك النقطة إلا أن سعر المعدن الأصفر لا يزال أعلى بأكثر من 500 دولار للأوقية مقارنة بالعام الماضي.
يرجع ارتفاع سعر تداول الذهب إلى حد كبير إلى تدافع المستثمرين لشراء المعدن الثمين لحماية محافظهم من الخسائر الناجمة عن عدم اليقين الاقتصادي والتضخم المرتفع والمخاطر الجيوسياسية، كما ساعد مسار الأسعار الصعودي الأخير في تحفيز الاهتمام المتجدد بالاستثمار في هذا المعدن الأصفر.
إذا كنت تفكر في الاستثمار في الذهب، فقد تتساءل عما قد يحدث لسعره هذا الخريف خاصة بعد أن شهدت البيئة الاقتصادية بعض التحولات، إليك ما يقوله الخبراء عن ذلك.
ما يتوقعه الخبراء لأسعار الذهب
وفقًا للخبراء الذين تحدثنا معهم، هناك بعض السيناريوهات التي قد تحدث فيما يتعلق بسعر الذهب هذا الخريف:
سعر الذهب قد يرتفع
يعتقد العديد من الخبراء الذين تحدثنا معهم أن سعر الذهب قد يستمر في الارتفاع هذا الخريف بسبب عوامل مثل الاضطرابات الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي.
يقول أحد خبراء سوق السلع: "لقد لاحظنا أن سعر الذهب يستمر في الارتفاع خلال هذا العام وسط أحداث جيوسياسية واقتصادية واجتماعية كبرى، مع هذه الرياح المواتية من المرجح أن سعره سيستمر في الصعود طوال الخريف وحتى نهاية العام"، وأضاف أن ذلك يرجع إلى أن الحكومات والبنوك المركزية الكبرى تقوم وستستمر في القيام بعمليات شراء كبيرة للذهب للتحوط ضد حالة عدم اليقين.
ومن جهة أخري، هناك أيضًا زيادة في الطلب الصناعي على المعدن الثمين، ومع قيام هؤلاء المشترين الكبار بشراء الذهب سينخفض المعروض الإجمالي، مما يؤدي إلى زيادات حادة في سعر الذهب.
يقول الدكتور "بيتر سي إيرل" كبير الاقتصاديين في المعهد الأمريكي للبحوث الاقتصادية: أظن أن سعر الذهب سيظل ثابتًا أو يرتفع مع اقترابنا من الانتخابات الرئاسية، وأضاف أنه إذا توسعت الصراعات الدولية الحالية أو اندلعت صراعات جديدة فقد يرتفع الذهب، بالإضافة إلى ذلك، إذا تباطأ الاقتصاد الأمريكي بسرعة بحلول ذلك الوقت وقيم السوق الانكماش على أنه سريع للغاية بحيث لا يمكن إيقافه من خلال التكيف النقدي و/أو شكل من أشكال التحفيز المالي، فقد يصل الذهب إلى مستويات قياسية جديدة.
سعر الذهب قد ينخفض
ومع ذلك، فإن الانخفاضات الكبيرة في أسعار الفائدة قد تتسبب في انخفاض سعر الذهب أو ركوده، حيث يميل سعر الذهب إلى الارتفاع في بيئات أسعار الفائدة المرتفعة، والآن بعد أن بدأ التضخم في التباطؤ وتحولت العوامل الاقتصادية الأخرى، فمن المتوقع على نطاق واسع أن يبدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، وهو من المقرر أن يحدث في أقرب وقت في سبتمبر، وهذا بدوره قد يؤثر على سعر الذهب.
هناك فرصة لعوامل أخرى لإبطاء نمو سعر الذهب أيضًا، على سبيل المثال: يقول المحللون أن سعر الذهب قد ينخفض بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، اعتمادًا على النتيجة، فإذا كانت هناك نتيجة واضحة وتسليم سلمي للسلطة فمن المرجح أن يستقر سعر الذهب مرة أخرى إلى مستويات الدعم السابقة.
ما هي العوامل التي قد يكون لها أكبر تأثير على سعر الذهب هذا الخريف؟
يقول الخبراء إن هناك عوامل متعددة، بما في ذلك ما يحدث من حيث التضخم وأسعار الفائدة والسيولة العالمية والتي قد تؤثر على سعر الذهب هذا الخريف.
في حين أن معظم الناس قد يقولون بشكل صحيح أن أكبر محركات أسعار الذهب هي أسعار الفائدة المرتفعة والتضخم، فإننا نعتقد أن أزمة السيولة العالمية سيكون لها تأثير كبير على سعر الذهب في الخريف، فمع المستويات القياسية من ديون المستهلكين والأزمة النقدية يشعر المستهلكون بالضائقة الآن، ويميل سعر الذهب إلى الارتفاع في الأوقات الاقتصادية الصعبة، مما يجعله أصلًا رائعًا للبيع أو الاستثمار فيه.
في حين يتوقع العديد من الخبراء أن يستمر الذهب في الارتفاع هذا الخريف مع وجود العديد من العوامل المؤثرة، إلا إنه من الصعب التنبؤ بما سيحدث، إن محاولة تحديد توقيت هذه التحركات يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر وقد تؤدي إلى خسائر كبيرة للعديد من المستثمرين.
لهذا السبب، من الأهمية بمكان أن يكون لديك محفظة متنوعة، مع كون الذهب مجرد جزء واحد من استراتيجيتك طويلة الأجل الشاملة، إذا قررت الاستثمار في الذهب ضع في اعتبارك أن العديد من الخبراء يوصون بالحد من المعدن الثمين بما لا يزيد عن 10% من محفظة الاستثمار الخاصة بك.
متى يجب عليك شراء الذهب؟
غالبًا ما يُطرح علينا السؤال التالي: "هل الآن هو أفضل وقت لشراء الذهب؟"، من الواضح أنه من الأسهل تحديد الفترات الزمنية التي ارتفعت فيها قيمة الذهب أكثر من غيرها، ونظرًا لارتباطه السلبي بالأسهم والاقتصاد العالمي، فإن تتبع اتجاهات السوق هو إحدى الطرق لقياس الوقت المثالي للاستثمار في الذهب، لقد أثبت الاحتفاظ بالذهب على المدى الطويل على مر السنين أنه يوفر مخزنًا آمنًا للثروة ويتفوق على التضخم.
القاعدة الأساسية هي "لا يتعلق الأمر بتوقيت السوق، بل بالوقت في السوق"، بعبارة أخرى، غالبًا ما يحقق الاستثمار الطويل الأجل في الذهب المادي عوائد أفضل من محاولة توقيت ارتفاعات وانخفاضات السوق.
تشير متوسطات أسعار الذهب التاريخية على مدى السنوات الخمسين الماضية إلى أن أفضل وقت من العام لشراء الذهب هو في بداية كل عام تقويمي ومرة أخرى في منتصف الصيف وأوائل يوليو، حيث تميل الأسعار إلى الارتفاع بأسرع معدل بعد هذه الفترات، فالتاريخ لا يعيد نفسه لكنه يتناغم.
في حين أن محاولة الشراء عند أدنى أسعار السوق والبيع عند أعلى مستوياتها قد تبدو وكأنها استراتيجية حكيمة، إلا أن الخبراء الماليين يتفقون على أنه يكاد يكون من المستحيل تحقيق ذلك بشكل مثالي، والمشكلة مع المتوسطات هي أنها تميل إلى إخفاء التفاصيل والعوامل التي يمكن أن تحرف هذه الموضوعات الموسمية.
يمكن أن يكون الوقت المناسب للاستثمار في الذهب أثناء فترات الركود الاقتصادي وارتفاع التضخم والاضطرابات الجيوسياسية، حيث يعمل الذهب كتحوط موثوق به ضد التضخم، فمن خلال النظر إلى أساسيات السوق والاتجاهات التاريخية يمكنك اختيار الاستثمار في أصول مثل الذهب والتي من المرجح أن تحقق أداءً جيدًا خلال فترات معينة.
يتمتع الذهب بتاريخ طويل وسجل حافل، مما يجعل من السهل التنبؤ بأداء سعره بناءً على الاتجاهات السابقة، كأصل آمن، غالبًا ما يلجأ المستثمرون إلى الذهب عندما يعاني الاقتصاد وتنخفض الأسهم ويرتفع التضخم.
يمكن أن تؤثر التوترات الجيوسياسية بشكل كبير على أسعار الذهب، مما يجعله استثمارًا أكثر جاذبية خلال الأوقات غير المؤكدة، إن الأحداث مثل الحروب أو الانتخابات أو العقوبات الاقتصادية قد تؤدي إلى عدم الاستقرار مما يدفع المستثمرين إلى شراء الأصول الآمنة مثل الذهب، لهذا فإن الوعي بالمناخ السياسي العالمي قد يساعدك في تحديد توقيت استثمارك للاستفادة من ارتفاع الأسعار.
